عقارب الساعة تشير الى الثانية عشر والنصف !! ولا تزال نظراتها مركزة على جهاز الهاتف النقال الذي لا يفارقها ابداً جافاها النوم والافكار تتداخل في راسها والاسئلة تدور في مخيلتها عن اسباب تأخره في الاتصال بها!!! حاولت الاتصال به عدة مرات ولكنه لا يجيب فشعرت بقلق رهيب عليه وبدأ قلبها يدق بسرعة كبيرة وكعادتها لجأت الى صديقتها المفضلة وهي الثلاجة للتنفيس عن غضبها فبدات تأكل بشراهة ومن كل الاصناف التي طالتها يدها لعل هذا يهدا من قلقها رغم انها لا تحس بطعم اي شيء تاكله ولكنها احيانا وعندما تصاب بنوبة عصبية تلجأ الى الطعام لعله يخف الضغط العصبي لديها ..
صوت الهاتف يرن .. نعم انه يرن لكن اين وضعت الهاتف ؟؟ لما تركته يغيب عن ناظريها صوت الهاتف ات ٍمن بعيد ولكنه ليس بيدها ولا على الطاولة في المطبخ !! فتذكرت انها وفي فورة غضبها ربما تكون قد نسيته في الثلاجة !!! .
فتحت الثلاجة بسرعة فكان الهاتف يرن هناك نظرت الى الشاشة انه هو نعم هو.. فضغطت على زر الاجابة وأتاها صوته من بعيد يبدو على صوته الحزن والتعب فاخذت تتحدث معه وتساله عن اسباب تأخره في الاتصال فاخبرها بأن أمه متعبة وكان معها الى استقرت حالتها وكعادتها نسيت كل الكلام الذي كانت تنوي ان تسمعه اياه جزاء تاخره في الاتصال واخذا يثرثران كعادتهما في شتى المواضيع فمنذ ان دخل الى حياتها قبل ستة أشهر وهي تحس بانها أميرة متوجة على عرش هذه الدنيا قلبها يرقص جذلا وفرحاً كلما اتصل بها رغم انها لم تلتقيه يوما الا انها احبته عبر الهاتف حباً جارفاً وتندفع في حبه كالنهر الذي يندفع نحو المنصب بشكل اعمى لا تدري اي ستودي بها تلك العلاقة رغم كل التحذيرات التي صدرت عن صديقاتها الا انها استمرت معه على الهاتف وفي كل مرة يحاولان فيها رؤية بعضهما البعض يتدخل القدر ويحول دون حصول ذلك اللقاء بينهما لكن وعلى الرغم من ذلك وبعيدا عن اي منطق فهي تحبه لا بل هي متيمة به .
نظرت الى ساعتها فوجدتها قد قاربت من من الرابعة صباحا عندها استأذنته لتذهب الى النوم قليلا .على امل ان يتصلا ببعضهما مجدداً غذا وفي نفس الموعد . عندما وضعت الهاتف احست بان معدتها تؤلمها فتذكرت كمية الطعام الكبيرة التي اكلتها والتي لم تشعر بثقلها عليها الا الآن فأصابها شعور هائل بالذنب مع تأنيب الضمير.. فهرعت الى الحمام لتتقيأ كل ما في معدتها من طعام الى ان تفرغها تماما بعدها تنخرط في بكاء مرير لعدم قدرتها على التخلص من هذا المرض اللعين الذي اصابها منذ ثلاث سنوات .. لفت نظرها صورتها في المرآة.كانت تبدو شديدة البؤس وهي تحاول عدم أصدار أصوات لكي لا تستيقظ والدتها وتبدأ بالصراخ عليها وتوبيخها لانها تجبر نفسها على ان تتقيأ كل ما في جوفها وبعدما انتهت من هذه المهمة الشاقة نظرت مرة أخرى الى المرآة.. فهالها اصفرار وجهها.. وامتلأت عينيها بالدموع.. وتنافرت خصل شعرها وتبعثرت على وجهها الذي يملاه العرق كانت ضربات قلبها تتسارع، وعضلات جسدها كله شبه منهارة.. اخذت تلعن ذلك المرض اللعين الذي تحاول التخلص منه ولكنها تقف عاجزة امام تلك النوبات التي تصيبها .. فمنذ ان كان عمرها ثمانية عشر ووزنها الزائد شكل لها حرجا بين صديقاتها وأهلها وأقاربها وحاولت مرات ومرات ان تنقصه وتعبت وكافحت الى ان استطاعت الوصول الى وزنها المثالي الذي هي عليه الآن .
الكل كان يضرب المثل بارادتها وصبرها وقدرتها على انقاص وزنها اربعين كيلو غراماً . لكن لا احد يعلم بمدى المعاناة التي عانتها الى ان وصلت الى ما هي عليه الآن ولا احد يدرك عمق الألم الذي تختزنه في روحها جراء العذاب الذي ذاقته نفسها وهي تحاول انقاص وزنها ولا بالمرض الذي اصابها نتيجة سعيها الدؤؤب في انقاص وزنها فالطبيب اخبرها ان العديد من الاشخاص حول العالم يعانون من الشره المرضي كما هو حالها وحذرها مراراً وتكراراً من اجبار نفسها على القيء لأنها ستسبب لنفسها العديد من المضاعفات التي ستعاني منها مستقبلا وهو ما حدث فعلا فهي دائما ما تصاب بتقلصات في عضلاتها بسبب نقص البوتاسيوم وارتفاع نسبة القلوية في الدم .
اقتربت أكثر من المرآة وراحت تفكر في الأمر لماذا تمارس هذه التصرفات ؟ لم تمارس هذه العادة في أكل كل ما تشتهيه نفسها بدون ضوابط أو سيطرة على النفس ثم تتقيأ ما أكلته حتي لا يزيد وزنها ؟ لم هي ضعيفة الارادة أمام مغريات الطعام.؟؟ في البداية لم تعي خطورة ما تقوم به يل كانت مسرورة بأنها تأكل كل ماتريد ثم تتخلص منه بسرعة حتى لا يؤثر على وزنها ورشاقتها الذي تعبت بالوصول اليه لكنها الآن تشعر بالتعب والاشمئزاز من رائحة القيء.... .. كما انها لا تستطيع السيطرة على الهواجس التي تنتابها فاحيانا تصاب بحالة من الاكتئاب وعدم الرضا عن النفس.. حتى ان وزنها لا يثبت على حال.. مرات يزيد.. ثم تفقد بعض الكيلوجرامات لكي يعاود الزيادة بعدها ،حتى وصل بها الحال الى ان تتوهم ان وزنها زاذ بعض الشيء لكن وزنها فعليا لا يكون قد ازداد ابدا ولكنه الوهم المرضي الذي تعيش به والسبب كما اخبرها الطبيب هو بحثها عن الكمال في كل نواحي حياتها.. .. .
نفضت عنها الذكريات والافكار ودخلت الى غرفتها لتنام كانت شقيقتها الصغرى تنام بجانبها ولكن ولفرط سمنتها فانها تحتل السرير باكمله فحاولت عبثا ازاحتها ولكنها لم تفلح فهي تغط في نوم عميق اخذت تنظر اليها وهي نائمة ترثي حالتها فرغم صغر سنها الا أنها لا تستطيع السيطرة على وزنها من شدة حبها للطعام رغم محاولاتها الدائمة بان تنصحها ورغم اجبارها يوميا على ممارسة الرياضة معها الا انها لا تلبث ان تبدا بالبكاء والمطالبة بالطعام .
منذ ان قامت بأنقاص وزنها وهي تكره اي شخص سمين حتى من يتقدمون لها من الشبان لا ترضى برجل لديه بعض الكيلو غرامات البسيطة تريده صاحب وزن مثالي .. حتى ان الامر وصل بها الى توبيخ اي شخص سمين حتى لو لم يسبق لها معرفته فما ان تشاهد اي شخص سمين فأنها تبدأ في مهاجمته وتحميله المسؤولية لانه اوصل نفسه الى هذه الحالة حتى وان كان هذا قد يسبب له الالم لكنها لا تأبه كل ما يهمها هو ان تجعله يبدأ بانقاص وزنه حتى لا يمر أحد بالمعاناة التي مرت هي بها ..
اخذت تتذكر الحال التي كانت فيها عندما بدأت بالحمية الغذائية كانت تستيقظ في منتصف الليل وهي تشعر بجوع رهيب لا بل ترى الطعام في منامها وتبدأ بالبكاء والصراخ من شدة الجوع الى ان يصيبها التعب فتعود للنوم !! طوال عام كامل كان طعامها يقتصر على القليل من الحليب والسلطة او اللبن فقط لم تذق الخبز او الارز طوال تلك الفترة !!! وكلما كانت عزيمتها تفتر تذهب الى السوق وتبدا في النظر الى الملابس الجميلة المعروضة هناك والتي هي محرومة من ارتدائها فتتجدد عزيمتها واصراها على مواصلة مشوارها الصعب فتمسح الدموع من عينيها والعرق عن جبينها لتعود وتكمل ما بداته لم تنسى منذ ثلاث سنوات يوما وعند نهوضها من النوم وقبل ان تفعل اي شيء ان تذهب وتقف على الميزان لتراقب وزنها وهو يتناقص تدريجيا الى ان أتت النتيجة التي كانت كالبلسم لجراحها لقد وصلت الى ما كانت تتمنى ان تصل له .. نزل وزنها من مئة كيلو غرام ووصل الى الستين كيلو غرام يا لها من لحظات رهيبة ، يومها احست بان الالم والمعاناة قد تواريا الى غير رجعة فقد وصلت الى ما تتمناه .. لكنها لم تكن تدري بما تخبئه لها الحياة من مضاعفات لذلك المجهود الجبار الذي بذلته ... يومها جمعت اصدقائها وأقربائها وجيرانها وأحضرت الميزان ووقفت عليه واخذت تجعل كل شخص منهم يتاكد بأم عينه انها قد وصلت الى ما تصبو اليه قالت لها والدتها ودموع الفرح تملئ عينيها يا أبنتي ان الانثى حين تحترق تنتشر رائحة ماتستطيع فعله من معجزات وهذا ما حصل لك لقد حققت المعجزة التي لطالما حلمتِ بها وتمنيتها .. نفضت عنها كل الافكار القديمة وخلدت الى النوم بجانب شقيقتها وهي تحلم بصوت من تحب وبشكله وكيف يكون ...
استيقظت في صباح اليوم التالي وذهبت كعادتها الى الجامعة ومن ثم مرت على الطبيب لكي يعاينها وبعد ان انتهت من المعاينة عادت الى المنزل وثرثرت مع والدتها قليلا بعدها بدات بالدراسة حتى أحست بالجوع فدخلت الى المطبخ لتشاهد والدتها تحضر طبقها المفضل في الماضي لكنها لم تعره اهتماما فتناولت تفاحة واكلتها بعدها شربت كوبين من الماء وعادت الى غرفتها وسط نظرات والدتها الحانقة والغير راضية عن هذا النظام الذي تفرضه على نفسها ...
كانت تنتظر ان تصبح الساعة الثانية عشرة ليلا لكي يهاتفها ويبدأن بالحديث الخاص بهما طوال كل المدة التي تحدثا فيها لم يخبرها عن شكله ولا وزنه رغم محاولاتها العديدة ان تعرف منه هذه التفاصيل لكنه كان دائما يكرر لها نفس الكلام بأنه شاب عادي جداً ولا يوجد ما يميزه وهي بدورها لم تخفِ عنه شيئا وأخبرته عن معاناتها الماضية مع وزنها الزائد وعن الجهد الذي بذلته لتخفف من وزنها وعن النوبات العصبية التي تصيبها عند رؤية أي شخص سمين .. كانت تقول لنفسها بانها تريده أن يكون بصورة ماضيها فهي كانت قد وصلت الى الوزن المثالي ولكن اثار السمنة لا تزال على جسدها على شكل تلك الخطوط التي تملأ جميع انحاء جسدها وكأن جسدها قد تم تشريحه واعيدت خياطته تحاول عبثا باستخدام الكريمات والوصفات ان تخفف من بشاعة تلك الخطوط ، دوما كان يردد لها ان يعشق تلك الارادة الحديدية التي تملأ روحها وتتسلح بها والتي بها ومن خلالها قادرة على فعل المستحيل والتي يتمنى ان يتحلى بالقليل منها .
قاطع سيل افكارها صوت رنين الهاتف فنظرت الى الهاتف امامها وصعقت لأنه هو من يتصل بها في مثل هذا الوقت .. استغربت من اتصاله فهو لم يقم بالاتصال بها ابداً في مثل هذا الوقت فتناولت السماعة ليأتيها صوته على الطرف الاخر ويخبرها بانه يريد رؤيتها الآن ويسألها عما اذا كان لديها الوقت لذلك؟؟ فطارت من الفرح والسعادة واخبرته بان عليه ان يخبرها عن مكان تواجده وهي ستكون عنده خلال دقائق فقط .. فاخبرها بانه ينتظرها في الحديقة العامة القريبة من منزلها وانه لن يخبرها بما يرتديه فسيترك لقلبها الفرصة في الاستدلال عليه . لم تعجبها تلك الطريقة ابدا ولكنها لم تمانع فهي من تتحرق شوقا لرؤيته ..
ارتدت احلى ملابسها وتزينت جيدا ليراها في ابهى طلة وطوال الطريق لم تدري كيف وصلت الى الحديقة ولا كم استغرقت لتصل الى هناك شوقها وحبها هو من كان يحركها ويجعلها تتلفت يمنة وبسرة وهي تبحث عنه ، كانت الحديقة مليئة بالرجال والنساء ولا احد يجلس لوحده كما قال لها !!! حاولت الاتصال به ولكن هاتفه مغلق فجلست تنتظر وصوله كانت تراقب كل من يدخل بعيون مليئة بالترقب والشوق واللهفة .. ولم تعي تلك النظرات التي تراقبها من الكرسي القريب منها ولا حتى اعارتها اي اهتمام تلك النظرات التي تراقبها بألم وحنين وشوق رغبةً بالاقتراب منها ولكنه الخوف الذي يمنعه .
حاول عدة مرات ان ان يقترب للحديث معها لكنها وفي كل مرة ترمقه بنظرات مليئة بالاحتقار والاشمئزاز حتى انها وعندما لاحظت اصراره في النظر اليها طالبته بالتوقف عن النظر اليها والابتعاد الى اخر الحديقة فقد لفت نظرها مظهره عندما جلست في الحديقة كان وزنه يبلغ تقريبا المائة كيلو غرام وملابسة ضيقة عليه ويكاد ينفجر من كثرة الشحم واللحم الذي هو عليه ولكن لكي تكون منصفة بحقه فانه يمتلك وجهاً جذابا لكنه سمينٌ جداً ومنظره كريه للغاية فلم تتحمل نظراته لها وصرخت عليه قائلةً كيف تسمح لنفسك بالاقتراب مني وانت بهذا المنظر البشع ... كانت تعلم بأنها تقسو عليه بالحديث ولكنها لا تستتطيع ان تمنع نفسها فهي لا تتحمل رؤية من هم بهذا الوزن لأنه يصرون على تذكيرها بمعاناتها والمها ، شعرت بالرثاء عليه لأنها قامت بايلامه وارادت ان تعتذر اليه ولكنها تراجعت لعل كلماتها تكون السبب في ان يستسيقظ مما هو فيه لكي ينتبه الى نفسه وصحته.
تركته مشدوها ً من شدة الاستغراب والالم الذي اصابه جراء توبيخها له ، وقامت لتغير مكانها وهي تحاول خلق الاعذار لنفسها على جرح ذلك الشخص .
نسبت كل ما يتعلق بذلك السمين وعبثا حاولت الاتصال به لمعرفة سبب تاخره فقد كانت تشعر بالقلق لتأخره في المجيء عندما لاحظت ان ذلك الرجل السمين قد عاد ليقترب منها فلم تضبط اعصابها هذه المرة ووفقت تصرخ عليه وتسبه وتلعنه وتوجه له سيلا من التوبيخات وتطالبه بالابتعاد عن دربها ...الى ان صرخ بها قائلا ولكنك تنتظرينني !!!!! .
هنا كانت الصاعقة لم تستوعب في البداية ما قاله لكنها وعندما فكرت قليلا اصابها الذهول وأخذت تضحك بصوتٍ عالٍ امام مرأى ومسمع كل من في الحديقة بعدها انخرطت في بكاء وعويل مرير وهي تشعر بانها قد شطرت الى نصفين ..
هل هذا هو نفس صاحب الصوت الحنون الذي اشبعها حباً وحناناً وهياماً طوال ستة أشهر ؟؟ هل هو من كان يغدق عليها الاطراءات ويمدح ارادتها وقوتها وصبرها ...
لا يعقل ان يكون هذا منطقيا على الاطلاق فهو لم ولن يخدعها هو اكد لها انه يحبها وهي تثق تماما بانه يحبها على الاقل هي تتسلح الآن بتلك الفكرة ولكن لما اخفى عنها شكله ؟؟ الآن ادركت لما كان دائما يتراجع في اللحظة الاخيرة عن لقائها وهي بغبائها تصدق كل اعذاره .. عبثا كانت تحاول لملمة نفسها التي تحس بانها تبعثرت الى اشلاء في هذه الحديقة ولكنها متألمة الى النخاع ولا تقوى حتى على النهوض ولم تعي الا وهو يجلس بجانبها على الكرسي ونظراته تحمل الكثير من الالم والاعتذار والذنب اجلسها على الكرسي وبدا يقول لها اعلم انك غاضبة مني واعلم انك مستاءة ولك مطلق الحرية في ذلك ولا الومك ان كرهتني او احتقرتني ولكنني اريدك ان تكوني متاكدة بانني طلبت رؤيتك في هذا اليوم لانني لم اعد اتحمل فراقك ولم اعد اريد الابتعاد عنك على الاطلاق اريد ان اكون بقربك ولهذا لم اعد اريد ان اخفي حقيقتي عنك ...
ادرك انني اخطأت في اخفاء شكلي الحقيقي عنكِ ولكنني وكلما اردت ان اراك أشعر فجاة بالخوف منكِ فنظرت اليه من بين دموعها التي تملئ وجهها وقالت تخاف مني ؟ قال لها بصوت مليء بالالم نعم خفت ان لا تقبلينني وان ترفضيني وخاصة وانا اعلم موقفك من أصحاب الاوزان الزائدة لكنني في هذا اليوم قررت التغلب على خوفي ولاول مرة اتحلى بالارادة والعزيمة لآتي واراكِ لم اعد اتحمل الضغط الذي امارسه على نفسي بحرماني من مقابلتك والحديث معك والتعرف عليك وجهاً لوجه .
تعبت من هذه الحرب النفسية التي اعيشها ولن اسمح لسمنتي أن تحول بيني وبين مقابلة حبيبة عمري فانا لم ارتكب جريمة بسمنتي هذه ولهذا لن انفي نفسي من الحياة ولكنك لا تدرين ما الذي فعلته بي عندما وبختني واخذت تسبين وتلعنين اردت التراجع والعودة من حيث اتيت وقطع كل الاتصالات بيننا ولكنني لم استطع صورة معاناتك التي رسمتها في مخيلتي لم تفارقني للحظة ، قوة ارادتك وصبرك هما من منحاني القوة لهذا قررت الاستمرار وعدم التراجع ، رغم نظراتك القاسية والمشمئزة مني قررت عدم التراجع فتحت هذا الجسد المكتنز باللحوم والشحوم روح مثل اي روح موجودة هنا حولنا روح تحس .........وتتالم ........وتعاني وتفرح........ وتشتاق ........وتحزن وتحب وتكره وانا احببتك حقا لا بل انا مريض بك !!! مريض بحبك وقوتك وكلما أغمضت عيني رأيت وجهك ماثلاً امامي يطاردني في احلامي يُقلق مناماتى الليلية حتى عندما استيقظ اتحسس مكانك بجانبي فلا أُلآمس إلا الفراغ فأبدأ بملامسة قلبي الذي سكنته فلا أصافح إلا الجروح الطريهْ التي تذكرني بعجزي عن الوصول الى ما وصلت اليه ... هكذا هو حالي معك حاولت مراراً ان اتخلص من هذا الشعور والتحلي ببعض القوة لاكمل ما بداته معك ولكن يبدو ان الآلآم روحك وجسدك قد اصابتني انا الآخر، وخلال لحظات انتظاري لك وانا اردد لنفسي هل ستقبل بي؟؟ هل ستزدريني وتوبخني كما تفعل عادةً مع الناس الغرباء ؟؟هل ستسطيع ان تتعرف إلي لوحدها ؟؟؟ هل ستسامحني لانني لم اخبرها بحقيقتي ؟؟ كلها اسئلة اتعبت قلبي ودمرت اعصابي في ثوانٍ قليلة الى ان جئتي ..عرفتك دون ان اراك قلبي هو من صار يرفرف كالفراشة حولك اردت على الفور النهوض والترحيب بك الى صدمتني نظراتك المشمئزة عرفت حينها بأن قلبك لم يستدل علي فتركتك تنتظرين وانا اراقبك من بعيد طوال مدة جلوسي بعيداً عنك لم تحاولي ان تلتفي الى ولو مرة !! الآمك ومعاناتك وكرهك لأصحاب الاوزان الزائدة منعتك من التفكير بانني قد اكون نفس الشخص الذي تنتظرينه ، جراحك وقفت كالحاجز بيننا حتى انني قد قررت للحظة ان انسحب واتركك دون ان اعرفك على نفسي فعذاب تركك الآن سيكون أخف من رؤية نظرات الاحتقار وكلمات التوبيخ التي امطرتني بها ولكنني قررت ولاول مرة ان اكون قوياً وصاحب إرادة مثلك ولهذا اقتربت منك وعرفتك بنفسي ...
كانت لا تزال مصدومة مما جرى لها وتحاول عبثاً لملمة نفسها واسترجاع كرامتها ولكنها تحس بانها فاقدة للاحساس باي شيء حولها روحها تحلق عاليا في مكان بعيد عن المكان الذي تجلس فيه كلامه كان كقطرات من الجمر تذيب الجليد الذي تراكم حول قلبها منذ سنوات طويلة ليذيب ذلك الحاجز الذي بنته بينها وبين الدنيا ... استجمعت شجاعتها المعهودة ونفضت عنها الماً تعودت روحها على استقباله والعيش معه وقالت له صدقني انا احببتك ايضاً وكنتَ بحياتي كالشهاب الذي وصل بي الى اعالي السماء ولكنني لست متأكدة من انني استطيع ان اكون لك فأنا اخاف ان اعيش معك لانك ستعيد تذكيري يوميا بعذابات وجراح عشتها ولا ازال اعيش تحت وطاتها فأنا انسانة أرى الظلام سائداً فى كافة الانحاء ، بداخلي جراح تكويني وتحرق معها اجمل لحظات عمري وسنيني .
هل ستحتمل تلك الآهات التي تمزقني والصيحات التي تملؤني ونوبات الحزن والغضب التي تعتريني هل ستحميني من عذاباتي التي تدمر احلامي وترهق خيالاتي
وتهدم معها كل موجه سعاده تأتيني ؟؟هل ستجعل لحياتي طعماً اخر وهل ستسطيع ان تخلصني من مرضي ؟؟ كل هذه تساؤلات تدور في مخيلتي الآن وانا اجلس بقربك هل ستسطيع ان تخفف وزنك ؟؟ هل تملك الارداة والعزيمة لفعل ذلك ؟؟ ماذا لو لم تستطع ان تخففه هل سأقدر على مساعدتك ومنحك القوة للتخلص من وزنك الزائد؟؟ لا ادري ان كنت تملك القدرة على شفائي من الآلآم التي اصابت روحي وجسدي واستوطنت فكري وروحي وحملتني جراحا اكبر من كل جروحي ان كنت تملك القدرة على شفائي ارجوك ابقى معي .. او دعني أفارقك وفي قلبي أملٌ تائهٌ لنسيانكِ لعل السعادة . تعرف طريقها الى قلبي يوما فتأتيني لتفرغ قلبي المؤثث بذكراكِ ..
كان يستمع الى كلامها بصمتٍ مطبق وهي تنتظر منه رداً عله يكون الدواء لألمها وعذابها ولكنه استمر في الصمت فعرفت جوابه الذي لم ينطق به حتى قبل ان ينطق هو به ..
لو انك تدركين عمق احاسيسي تجاهك لأيقنتِ بانني اراكِ في كل شيء حولي ، حتى قبل ان اعرفك وعندما كنت امر في الشارع أبحث عنكِ في وجوه من هم أراهم امامي في محاولة مني لرسم صورة تليق بالصورة التي رسمتها لك في خيالي ، آآآآه لو تعلمين كم كنت خائفاً عليك من حقيقتي وخائف على نفسي من ان تحتقرينني فأكون بهذا قد زدت من الآلآمك بدل ان اخفف منها.. ويبدو ان هذا هو ما حصل فأنا ساكون سبباً في معاناة جديدة تعيشينها وجراحاً تحترقين بها وانا لا ارغب بتمثيل هذا الدور او تقمصه لهذا يبدو ان عليك ان تتركيني لأحارب ضعفي وحزني بصمت وأواجه هذا الزمن الصعب كل ما اريده منك ان تذكريني فقط كخيال رجل سيبدأ حياته من جديد بغربةٍ جديدة وجرحٍ جديد .
فقامت لتغادر المكان وهي تتامل ان يحاول ان يثنيها عن المغادرة لكنه لم ينطق بحرف واحد فحملت حقيبتها وغادرت دون ان تلتفت اليه اذ يبدو انه قد قرر ان يكون جرحاً جديدا في مسيرة جراحاتها لم تعي كيف وصلت الى البيت لتجد ان كل من فيه في الخارج فدخلت على الفور ودموعها تسبقها ولجأت الى متنفسها الوحيد واخرجت كل الاصناف الموجودة في الثلاجة وجلست تراقبها وتنظر اليها وبدات تأكل وتاكل دون هوادة وكالعادة دون ان تحس بطعم اي شيء تاكله فالطعم الوحيد الذي تحسه فقط هو ملوحة وحرارة ومرارة دموعها التي تسقط بغزارة لتهرع بعدها راكضة الى الحمام لتلفظ كل كل ما في داخلها من طعام واحزان وجراح كما تلفظُ الأنفاس الأخيرة ...
صوت الهاتف يرن .. نعم انه يرن لكن اين وضعت الهاتف ؟؟ لما تركته يغيب عن ناظريها صوت الهاتف ات ٍمن بعيد ولكنه ليس بيدها ولا على الطاولة في المطبخ !! فتذكرت انها وفي فورة غضبها ربما تكون قد نسيته في الثلاجة !!! .
فتحت الثلاجة بسرعة فكان الهاتف يرن هناك نظرت الى الشاشة انه هو نعم هو.. فضغطت على زر الاجابة وأتاها صوته من بعيد يبدو على صوته الحزن والتعب فاخذت تتحدث معه وتساله عن اسباب تأخره في الاتصال فاخبرها بأن أمه متعبة وكان معها الى استقرت حالتها وكعادتها نسيت كل الكلام الذي كانت تنوي ان تسمعه اياه جزاء تاخره في الاتصال واخذا يثرثران كعادتهما في شتى المواضيع فمنذ ان دخل الى حياتها قبل ستة أشهر وهي تحس بانها أميرة متوجة على عرش هذه الدنيا قلبها يرقص جذلا وفرحاً كلما اتصل بها رغم انها لم تلتقيه يوما الا انها احبته عبر الهاتف حباً جارفاً وتندفع في حبه كالنهر الذي يندفع نحو المنصب بشكل اعمى لا تدري اي ستودي بها تلك العلاقة رغم كل التحذيرات التي صدرت عن صديقاتها الا انها استمرت معه على الهاتف وفي كل مرة يحاولان فيها رؤية بعضهما البعض يتدخل القدر ويحول دون حصول ذلك اللقاء بينهما لكن وعلى الرغم من ذلك وبعيدا عن اي منطق فهي تحبه لا بل هي متيمة به .
نظرت الى ساعتها فوجدتها قد قاربت من من الرابعة صباحا عندها استأذنته لتذهب الى النوم قليلا .على امل ان يتصلا ببعضهما مجدداً غذا وفي نفس الموعد . عندما وضعت الهاتف احست بان معدتها تؤلمها فتذكرت كمية الطعام الكبيرة التي اكلتها والتي لم تشعر بثقلها عليها الا الآن فأصابها شعور هائل بالذنب مع تأنيب الضمير.. فهرعت الى الحمام لتتقيأ كل ما في معدتها من طعام الى ان تفرغها تماما بعدها تنخرط في بكاء مرير لعدم قدرتها على التخلص من هذا المرض اللعين الذي اصابها منذ ثلاث سنوات .. لفت نظرها صورتها في المرآة.كانت تبدو شديدة البؤس وهي تحاول عدم أصدار أصوات لكي لا تستيقظ والدتها وتبدأ بالصراخ عليها وتوبيخها لانها تجبر نفسها على ان تتقيأ كل ما في جوفها وبعدما انتهت من هذه المهمة الشاقة نظرت مرة أخرى الى المرآة.. فهالها اصفرار وجهها.. وامتلأت عينيها بالدموع.. وتنافرت خصل شعرها وتبعثرت على وجهها الذي يملاه العرق كانت ضربات قلبها تتسارع، وعضلات جسدها كله شبه منهارة.. اخذت تلعن ذلك المرض اللعين الذي تحاول التخلص منه ولكنها تقف عاجزة امام تلك النوبات التي تصيبها .. فمنذ ان كان عمرها ثمانية عشر ووزنها الزائد شكل لها حرجا بين صديقاتها وأهلها وأقاربها وحاولت مرات ومرات ان تنقصه وتعبت وكافحت الى ان استطاعت الوصول الى وزنها المثالي الذي هي عليه الآن .
الكل كان يضرب المثل بارادتها وصبرها وقدرتها على انقاص وزنها اربعين كيلو غراماً . لكن لا احد يعلم بمدى المعاناة التي عانتها الى ان وصلت الى ما هي عليه الآن ولا احد يدرك عمق الألم الذي تختزنه في روحها جراء العذاب الذي ذاقته نفسها وهي تحاول انقاص وزنها ولا بالمرض الذي اصابها نتيجة سعيها الدؤؤب في انقاص وزنها فالطبيب اخبرها ان العديد من الاشخاص حول العالم يعانون من الشره المرضي كما هو حالها وحذرها مراراً وتكراراً من اجبار نفسها على القيء لأنها ستسبب لنفسها العديد من المضاعفات التي ستعاني منها مستقبلا وهو ما حدث فعلا فهي دائما ما تصاب بتقلصات في عضلاتها بسبب نقص البوتاسيوم وارتفاع نسبة القلوية في الدم .
اقتربت أكثر من المرآة وراحت تفكر في الأمر لماذا تمارس هذه التصرفات ؟ لم تمارس هذه العادة في أكل كل ما تشتهيه نفسها بدون ضوابط أو سيطرة على النفس ثم تتقيأ ما أكلته حتي لا يزيد وزنها ؟ لم هي ضعيفة الارادة أمام مغريات الطعام.؟؟ في البداية لم تعي خطورة ما تقوم به يل كانت مسرورة بأنها تأكل كل ماتريد ثم تتخلص منه بسرعة حتى لا يؤثر على وزنها ورشاقتها الذي تعبت بالوصول اليه لكنها الآن تشعر بالتعب والاشمئزاز من رائحة القيء.... .. كما انها لا تستطيع السيطرة على الهواجس التي تنتابها فاحيانا تصاب بحالة من الاكتئاب وعدم الرضا عن النفس.. حتى ان وزنها لا يثبت على حال.. مرات يزيد.. ثم تفقد بعض الكيلوجرامات لكي يعاود الزيادة بعدها ،حتى وصل بها الحال الى ان تتوهم ان وزنها زاذ بعض الشيء لكن وزنها فعليا لا يكون قد ازداد ابدا ولكنه الوهم المرضي الذي تعيش به والسبب كما اخبرها الطبيب هو بحثها عن الكمال في كل نواحي حياتها.. .. .
نفضت عنها الذكريات والافكار ودخلت الى غرفتها لتنام كانت شقيقتها الصغرى تنام بجانبها ولكن ولفرط سمنتها فانها تحتل السرير باكمله فحاولت عبثا ازاحتها ولكنها لم تفلح فهي تغط في نوم عميق اخذت تنظر اليها وهي نائمة ترثي حالتها فرغم صغر سنها الا أنها لا تستطيع السيطرة على وزنها من شدة حبها للطعام رغم محاولاتها الدائمة بان تنصحها ورغم اجبارها يوميا على ممارسة الرياضة معها الا انها لا تلبث ان تبدا بالبكاء والمطالبة بالطعام .
منذ ان قامت بأنقاص وزنها وهي تكره اي شخص سمين حتى من يتقدمون لها من الشبان لا ترضى برجل لديه بعض الكيلو غرامات البسيطة تريده صاحب وزن مثالي .. حتى ان الامر وصل بها الى توبيخ اي شخص سمين حتى لو لم يسبق لها معرفته فما ان تشاهد اي شخص سمين فأنها تبدأ في مهاجمته وتحميله المسؤولية لانه اوصل نفسه الى هذه الحالة حتى وان كان هذا قد يسبب له الالم لكنها لا تأبه كل ما يهمها هو ان تجعله يبدأ بانقاص وزنه حتى لا يمر أحد بالمعاناة التي مرت هي بها ..
اخذت تتذكر الحال التي كانت فيها عندما بدأت بالحمية الغذائية كانت تستيقظ في منتصف الليل وهي تشعر بجوع رهيب لا بل ترى الطعام في منامها وتبدأ بالبكاء والصراخ من شدة الجوع الى ان يصيبها التعب فتعود للنوم !! طوال عام كامل كان طعامها يقتصر على القليل من الحليب والسلطة او اللبن فقط لم تذق الخبز او الارز طوال تلك الفترة !!! وكلما كانت عزيمتها تفتر تذهب الى السوق وتبدا في النظر الى الملابس الجميلة المعروضة هناك والتي هي محرومة من ارتدائها فتتجدد عزيمتها واصراها على مواصلة مشوارها الصعب فتمسح الدموع من عينيها والعرق عن جبينها لتعود وتكمل ما بداته لم تنسى منذ ثلاث سنوات يوما وعند نهوضها من النوم وقبل ان تفعل اي شيء ان تذهب وتقف على الميزان لتراقب وزنها وهو يتناقص تدريجيا الى ان أتت النتيجة التي كانت كالبلسم لجراحها لقد وصلت الى ما كانت تتمنى ان تصل له .. نزل وزنها من مئة كيلو غرام ووصل الى الستين كيلو غرام يا لها من لحظات رهيبة ، يومها احست بان الالم والمعاناة قد تواريا الى غير رجعة فقد وصلت الى ما تتمناه .. لكنها لم تكن تدري بما تخبئه لها الحياة من مضاعفات لذلك المجهود الجبار الذي بذلته ... يومها جمعت اصدقائها وأقربائها وجيرانها وأحضرت الميزان ووقفت عليه واخذت تجعل كل شخص منهم يتاكد بأم عينه انها قد وصلت الى ما تصبو اليه قالت لها والدتها ودموع الفرح تملئ عينيها يا أبنتي ان الانثى حين تحترق تنتشر رائحة ماتستطيع فعله من معجزات وهذا ما حصل لك لقد حققت المعجزة التي لطالما حلمتِ بها وتمنيتها .. نفضت عنها كل الافكار القديمة وخلدت الى النوم بجانب شقيقتها وهي تحلم بصوت من تحب وبشكله وكيف يكون ...
استيقظت في صباح اليوم التالي وذهبت كعادتها الى الجامعة ومن ثم مرت على الطبيب لكي يعاينها وبعد ان انتهت من المعاينة عادت الى المنزل وثرثرت مع والدتها قليلا بعدها بدات بالدراسة حتى أحست بالجوع فدخلت الى المطبخ لتشاهد والدتها تحضر طبقها المفضل في الماضي لكنها لم تعره اهتماما فتناولت تفاحة واكلتها بعدها شربت كوبين من الماء وعادت الى غرفتها وسط نظرات والدتها الحانقة والغير راضية عن هذا النظام الذي تفرضه على نفسها ...
كانت تنتظر ان تصبح الساعة الثانية عشرة ليلا لكي يهاتفها ويبدأن بالحديث الخاص بهما طوال كل المدة التي تحدثا فيها لم يخبرها عن شكله ولا وزنه رغم محاولاتها العديدة ان تعرف منه هذه التفاصيل لكنه كان دائما يكرر لها نفس الكلام بأنه شاب عادي جداً ولا يوجد ما يميزه وهي بدورها لم تخفِ عنه شيئا وأخبرته عن معاناتها الماضية مع وزنها الزائد وعن الجهد الذي بذلته لتخفف من وزنها وعن النوبات العصبية التي تصيبها عند رؤية أي شخص سمين .. كانت تقول لنفسها بانها تريده أن يكون بصورة ماضيها فهي كانت قد وصلت الى الوزن المثالي ولكن اثار السمنة لا تزال على جسدها على شكل تلك الخطوط التي تملأ جميع انحاء جسدها وكأن جسدها قد تم تشريحه واعيدت خياطته تحاول عبثا باستخدام الكريمات والوصفات ان تخفف من بشاعة تلك الخطوط ، دوما كان يردد لها ان يعشق تلك الارادة الحديدية التي تملأ روحها وتتسلح بها والتي بها ومن خلالها قادرة على فعل المستحيل والتي يتمنى ان يتحلى بالقليل منها .
قاطع سيل افكارها صوت رنين الهاتف فنظرت الى الهاتف امامها وصعقت لأنه هو من يتصل بها في مثل هذا الوقت .. استغربت من اتصاله فهو لم يقم بالاتصال بها ابداً في مثل هذا الوقت فتناولت السماعة ليأتيها صوته على الطرف الاخر ويخبرها بانه يريد رؤيتها الآن ويسألها عما اذا كان لديها الوقت لذلك؟؟ فطارت من الفرح والسعادة واخبرته بان عليه ان يخبرها عن مكان تواجده وهي ستكون عنده خلال دقائق فقط .. فاخبرها بانه ينتظرها في الحديقة العامة القريبة من منزلها وانه لن يخبرها بما يرتديه فسيترك لقلبها الفرصة في الاستدلال عليه . لم تعجبها تلك الطريقة ابدا ولكنها لم تمانع فهي من تتحرق شوقا لرؤيته ..
ارتدت احلى ملابسها وتزينت جيدا ليراها في ابهى طلة وطوال الطريق لم تدري كيف وصلت الى الحديقة ولا كم استغرقت لتصل الى هناك شوقها وحبها هو من كان يحركها ويجعلها تتلفت يمنة وبسرة وهي تبحث عنه ، كانت الحديقة مليئة بالرجال والنساء ولا احد يجلس لوحده كما قال لها !!! حاولت الاتصال به ولكن هاتفه مغلق فجلست تنتظر وصوله كانت تراقب كل من يدخل بعيون مليئة بالترقب والشوق واللهفة .. ولم تعي تلك النظرات التي تراقبها من الكرسي القريب منها ولا حتى اعارتها اي اهتمام تلك النظرات التي تراقبها بألم وحنين وشوق رغبةً بالاقتراب منها ولكنه الخوف الذي يمنعه .
حاول عدة مرات ان ان يقترب للحديث معها لكنها وفي كل مرة ترمقه بنظرات مليئة بالاحتقار والاشمئزاز حتى انها وعندما لاحظت اصراره في النظر اليها طالبته بالتوقف عن النظر اليها والابتعاد الى اخر الحديقة فقد لفت نظرها مظهره عندما جلست في الحديقة كان وزنه يبلغ تقريبا المائة كيلو غرام وملابسة ضيقة عليه ويكاد ينفجر من كثرة الشحم واللحم الذي هو عليه ولكن لكي تكون منصفة بحقه فانه يمتلك وجهاً جذابا لكنه سمينٌ جداً ومنظره كريه للغاية فلم تتحمل نظراته لها وصرخت عليه قائلةً كيف تسمح لنفسك بالاقتراب مني وانت بهذا المنظر البشع ... كانت تعلم بأنها تقسو عليه بالحديث ولكنها لا تستتطيع ان تمنع نفسها فهي لا تتحمل رؤية من هم بهذا الوزن لأنه يصرون على تذكيرها بمعاناتها والمها ، شعرت بالرثاء عليه لأنها قامت بايلامه وارادت ان تعتذر اليه ولكنها تراجعت لعل كلماتها تكون السبب في ان يستسيقظ مما هو فيه لكي ينتبه الى نفسه وصحته.
تركته مشدوها ً من شدة الاستغراب والالم الذي اصابه جراء توبيخها له ، وقامت لتغير مكانها وهي تحاول خلق الاعذار لنفسها على جرح ذلك الشخص .
نسبت كل ما يتعلق بذلك السمين وعبثا حاولت الاتصال به لمعرفة سبب تاخره فقد كانت تشعر بالقلق لتأخره في المجيء عندما لاحظت ان ذلك الرجل السمين قد عاد ليقترب منها فلم تضبط اعصابها هذه المرة ووفقت تصرخ عليه وتسبه وتلعنه وتوجه له سيلا من التوبيخات وتطالبه بالابتعاد عن دربها ...الى ان صرخ بها قائلا ولكنك تنتظرينني !!!!! .
هنا كانت الصاعقة لم تستوعب في البداية ما قاله لكنها وعندما فكرت قليلا اصابها الذهول وأخذت تضحك بصوتٍ عالٍ امام مرأى ومسمع كل من في الحديقة بعدها انخرطت في بكاء وعويل مرير وهي تشعر بانها قد شطرت الى نصفين ..
هل هذا هو نفس صاحب الصوت الحنون الذي اشبعها حباً وحناناً وهياماً طوال ستة أشهر ؟؟ هل هو من كان يغدق عليها الاطراءات ويمدح ارادتها وقوتها وصبرها ...
لا يعقل ان يكون هذا منطقيا على الاطلاق فهو لم ولن يخدعها هو اكد لها انه يحبها وهي تثق تماما بانه يحبها على الاقل هي تتسلح الآن بتلك الفكرة ولكن لما اخفى عنها شكله ؟؟ الآن ادركت لما كان دائما يتراجع في اللحظة الاخيرة عن لقائها وهي بغبائها تصدق كل اعذاره .. عبثا كانت تحاول لملمة نفسها التي تحس بانها تبعثرت الى اشلاء في هذه الحديقة ولكنها متألمة الى النخاع ولا تقوى حتى على النهوض ولم تعي الا وهو يجلس بجانبها على الكرسي ونظراته تحمل الكثير من الالم والاعتذار والذنب اجلسها على الكرسي وبدا يقول لها اعلم انك غاضبة مني واعلم انك مستاءة ولك مطلق الحرية في ذلك ولا الومك ان كرهتني او احتقرتني ولكنني اريدك ان تكوني متاكدة بانني طلبت رؤيتك في هذا اليوم لانني لم اعد اتحمل فراقك ولم اعد اريد الابتعاد عنك على الاطلاق اريد ان اكون بقربك ولهذا لم اعد اريد ان اخفي حقيقتي عنك ...
ادرك انني اخطأت في اخفاء شكلي الحقيقي عنكِ ولكنني وكلما اردت ان اراك أشعر فجاة بالخوف منكِ فنظرت اليه من بين دموعها التي تملئ وجهها وقالت تخاف مني ؟ قال لها بصوت مليء بالالم نعم خفت ان لا تقبلينني وان ترفضيني وخاصة وانا اعلم موقفك من أصحاب الاوزان الزائدة لكنني في هذا اليوم قررت التغلب على خوفي ولاول مرة اتحلى بالارادة والعزيمة لآتي واراكِ لم اعد اتحمل الضغط الذي امارسه على نفسي بحرماني من مقابلتك والحديث معك والتعرف عليك وجهاً لوجه .
تعبت من هذه الحرب النفسية التي اعيشها ولن اسمح لسمنتي أن تحول بيني وبين مقابلة حبيبة عمري فانا لم ارتكب جريمة بسمنتي هذه ولهذا لن انفي نفسي من الحياة ولكنك لا تدرين ما الذي فعلته بي عندما وبختني واخذت تسبين وتلعنين اردت التراجع والعودة من حيث اتيت وقطع كل الاتصالات بيننا ولكنني لم استطع صورة معاناتك التي رسمتها في مخيلتي لم تفارقني للحظة ، قوة ارادتك وصبرك هما من منحاني القوة لهذا قررت الاستمرار وعدم التراجع ، رغم نظراتك القاسية والمشمئزة مني قررت عدم التراجع فتحت هذا الجسد المكتنز باللحوم والشحوم روح مثل اي روح موجودة هنا حولنا روح تحس .........وتتالم ........وتعاني وتفرح........ وتشتاق ........وتحزن وتحب وتكره وانا احببتك حقا لا بل انا مريض بك !!! مريض بحبك وقوتك وكلما أغمضت عيني رأيت وجهك ماثلاً امامي يطاردني في احلامي يُقلق مناماتى الليلية حتى عندما استيقظ اتحسس مكانك بجانبي فلا أُلآمس إلا الفراغ فأبدأ بملامسة قلبي الذي سكنته فلا أصافح إلا الجروح الطريهْ التي تذكرني بعجزي عن الوصول الى ما وصلت اليه ... هكذا هو حالي معك حاولت مراراً ان اتخلص من هذا الشعور والتحلي ببعض القوة لاكمل ما بداته معك ولكن يبدو ان الآلآم روحك وجسدك قد اصابتني انا الآخر، وخلال لحظات انتظاري لك وانا اردد لنفسي هل ستقبل بي؟؟ هل ستزدريني وتوبخني كما تفعل عادةً مع الناس الغرباء ؟؟هل ستسطيع ان تتعرف إلي لوحدها ؟؟؟ هل ستسامحني لانني لم اخبرها بحقيقتي ؟؟ كلها اسئلة اتعبت قلبي ودمرت اعصابي في ثوانٍ قليلة الى ان جئتي ..عرفتك دون ان اراك قلبي هو من صار يرفرف كالفراشة حولك اردت على الفور النهوض والترحيب بك الى صدمتني نظراتك المشمئزة عرفت حينها بأن قلبك لم يستدل علي فتركتك تنتظرين وانا اراقبك من بعيد طوال مدة جلوسي بعيداً عنك لم تحاولي ان تلتفي الى ولو مرة !! الآمك ومعاناتك وكرهك لأصحاب الاوزان الزائدة منعتك من التفكير بانني قد اكون نفس الشخص الذي تنتظرينه ، جراحك وقفت كالحاجز بيننا حتى انني قد قررت للحظة ان انسحب واتركك دون ان اعرفك على نفسي فعذاب تركك الآن سيكون أخف من رؤية نظرات الاحتقار وكلمات التوبيخ التي امطرتني بها ولكنني قررت ولاول مرة ان اكون قوياً وصاحب إرادة مثلك ولهذا اقتربت منك وعرفتك بنفسي ...
كانت لا تزال مصدومة مما جرى لها وتحاول عبثاً لملمة نفسها واسترجاع كرامتها ولكنها تحس بانها فاقدة للاحساس باي شيء حولها روحها تحلق عاليا في مكان بعيد عن المكان الذي تجلس فيه كلامه كان كقطرات من الجمر تذيب الجليد الذي تراكم حول قلبها منذ سنوات طويلة ليذيب ذلك الحاجز الذي بنته بينها وبين الدنيا ... استجمعت شجاعتها المعهودة ونفضت عنها الماً تعودت روحها على استقباله والعيش معه وقالت له صدقني انا احببتك ايضاً وكنتَ بحياتي كالشهاب الذي وصل بي الى اعالي السماء ولكنني لست متأكدة من انني استطيع ان اكون لك فأنا اخاف ان اعيش معك لانك ستعيد تذكيري يوميا بعذابات وجراح عشتها ولا ازال اعيش تحت وطاتها فأنا انسانة أرى الظلام سائداً فى كافة الانحاء ، بداخلي جراح تكويني وتحرق معها اجمل لحظات عمري وسنيني .
هل ستحتمل تلك الآهات التي تمزقني والصيحات التي تملؤني ونوبات الحزن والغضب التي تعتريني هل ستحميني من عذاباتي التي تدمر احلامي وترهق خيالاتي
وتهدم معها كل موجه سعاده تأتيني ؟؟هل ستجعل لحياتي طعماً اخر وهل ستسطيع ان تخلصني من مرضي ؟؟ كل هذه تساؤلات تدور في مخيلتي الآن وانا اجلس بقربك هل ستسطيع ان تخفف وزنك ؟؟ هل تملك الارداة والعزيمة لفعل ذلك ؟؟ ماذا لو لم تستطع ان تخففه هل سأقدر على مساعدتك ومنحك القوة للتخلص من وزنك الزائد؟؟ لا ادري ان كنت تملك القدرة على شفائي من الآلآم التي اصابت روحي وجسدي واستوطنت فكري وروحي وحملتني جراحا اكبر من كل جروحي ان كنت تملك القدرة على شفائي ارجوك ابقى معي .. او دعني أفارقك وفي قلبي أملٌ تائهٌ لنسيانكِ لعل السعادة . تعرف طريقها الى قلبي يوما فتأتيني لتفرغ قلبي المؤثث بذكراكِ ..
كان يستمع الى كلامها بصمتٍ مطبق وهي تنتظر منه رداً عله يكون الدواء لألمها وعذابها ولكنه استمر في الصمت فعرفت جوابه الذي لم ينطق به حتى قبل ان ينطق هو به ..
لو انك تدركين عمق احاسيسي تجاهك لأيقنتِ بانني اراكِ في كل شيء حولي ، حتى قبل ان اعرفك وعندما كنت امر في الشارع أبحث عنكِ في وجوه من هم أراهم امامي في محاولة مني لرسم صورة تليق بالصورة التي رسمتها لك في خيالي ، آآآآه لو تعلمين كم كنت خائفاً عليك من حقيقتي وخائف على نفسي من ان تحتقرينني فأكون بهذا قد زدت من الآلآمك بدل ان اخفف منها.. ويبدو ان هذا هو ما حصل فأنا ساكون سبباً في معاناة جديدة تعيشينها وجراحاً تحترقين بها وانا لا ارغب بتمثيل هذا الدور او تقمصه لهذا يبدو ان عليك ان تتركيني لأحارب ضعفي وحزني بصمت وأواجه هذا الزمن الصعب كل ما اريده منك ان تذكريني فقط كخيال رجل سيبدأ حياته من جديد بغربةٍ جديدة وجرحٍ جديد .
فقامت لتغادر المكان وهي تتامل ان يحاول ان يثنيها عن المغادرة لكنه لم ينطق بحرف واحد فحملت حقيبتها وغادرت دون ان تلتفت اليه اذ يبدو انه قد قرر ان يكون جرحاً جديدا في مسيرة جراحاتها لم تعي كيف وصلت الى البيت لتجد ان كل من فيه في الخارج فدخلت على الفور ودموعها تسبقها ولجأت الى متنفسها الوحيد واخرجت كل الاصناف الموجودة في الثلاجة وجلست تراقبها وتنظر اليها وبدات تأكل وتاكل دون هوادة وكالعادة دون ان تحس بطعم اي شيء تاكله فالطعم الوحيد الذي تحسه فقط هو ملوحة وحرارة ومرارة دموعها التي تسقط بغزارة لتهرع بعدها راكضة الى الحمام لتلفظ كل كل ما في داخلها من طعام واحزان وجراح كما تلفظُ الأنفاس الأخيرة ...